مقابلة مع رويترز

التاريخ: 2012/09/11

أكد سمير جرادات، المدير التنفيذي لمركز إيداع الأوراق المالية أن من أبرز الخطط لتعزيز سوق الأوراق المالية في المملكة تتطلب في المرحلة الأولى تعديل منظومة التشريعات لتتوافق مع الطبيعة الديناميكية المتسارعة لسوق الأوراق المالية، وكذلك توفير أدوات جديدة للاستثمار في السوق، وتعزيز إدارة المخاطر للإسهام في تشجيع رؤوس الأموال، وفي الوقت ذاته ضمان الامتثال وفرض الإجراءات القانونية بحق المخالفين.

كما شدد جرادات على أهمية تبني نهج إشراف ورقابة ذكية تهدف إلى تحقيق سيادة القانون وفرضه بما فيه مصلحة المستثمرين، وبذات الوقت تؤدي إلى الحد من فرض أية أنظمة غير ضرورية وتشكل عوائق في طريق الاستثمار في السوق. مبيناً أهمية تسخير البيئة التكنولوجية وتطويرها المستمر لما فيه خدمة ودعم مؤسسات سوق رأس المال في أدائها لمهامها وأعمالها، على أن يستمر التركيز على اعتماد نهج الشفافية والإفصاح لدعم مصداقية المؤسسات بمواجهة المستثمرين.

وعلى وجه التحديد، سوف تستجيب المؤسسات التنظيمية للطلب المتنامي لتقديم منتجات جديدة تتوافق مع خيارات إدارة المخاطر، حسب جرادات. فعلى سبيل المثال، يمكن لوكلاء الاستثمار بالوحدة وصناديق المؤشرات المتداولة أن تساعد في جمع صغار المستثمرين في تجمع استثماري واحد مما يشجع الاستثمار المؤسسي في البورصة ويوفر خياراً فعالاً من حيث الكلفة والضرائب.

ومن ضمن الخطط المستقبلية في هذا المجال أيضاً تفعيل سوق السندات وإدخال ألأوراق المالية الإسلامية. مؤكداً على أن العوامل الرئيسية لتحديد مدى نجاح مثل هذه الأدوات وأسعارها يعتمد على التزام الشركات بأساسيات الأداء الفاعل، إلى جانب عوامل العرض والطلب في السوق.

وردا على استفسار حول الدور الذي ينبغي أن تقوم به سلطات الأسواق المالية في مجال توفير مجموعة أوسع من أدوات الاستثمار لتحقيق عمق أكبر في السوق المالي أجاب جرادات بالقول "لا شك أنه يجب أن يتوفر للمستثمرين في الأردن تشكيلة أكبر من الأدوات المالية استجابة لاحتياجاتهم واهتماماتهم المتنوعة، ففي حين يفضل بعض المستثمرين التملك، نجد أن آخرين يميلون إلى تحقيق العوائد من خلال منح القروض ويجب توفير الأدوات التي تتيح للمستثمر اختيار أي منها وفقاً لاحتياجاته ومتطلباته. كما أن في ذلك مواكبة للمستجدات التي تطرأ في الأسواق المالية الدولية، علاوة على ما لذلك من أثر في تنشيط سوق الأوراق المالية".

وتابع قائلا " لوحظ أن المستثمرين في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أبدوا اهتماماً متزايداً بالأدوات الاستثمارية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية كالصكوك الإسلامية، وذلك لأسباب ثقافية وعملية في معظم الحالات. ويجب على الحكومة الأردنية أن ترحب بهذا الاهتمام المتزايد وتستثمر فيه لأن الأوراق المالية الإسلامية من شأنها أن توفر قناة سيولة جديدة في السوق، مما يعزز بدوره النمو في العديد من القطاعات الاقتصادية الأخرى".

واشار الى أنه يمكن للأوراق المالية الإسلامية، على سبيل المثال، أن تساعد في تمويل مشاريع البنية التحتية العامة التي تحتاج لرأس مال كبير، وهي مشاريع مطلوبة بشدة نظراً للنمو السكاني المتنامي وتزايد موجات اللجوء من بلدان أخرى على مدار السنوات. بالإضافة إلى ذلك ، فإنه يمكن استخدام الأدوات الإسلامية لدعم المشاريع المنتجة للدخل والتي تساعد بدورها في تحفيز نمو القطاعات الاستراتيجية في المملكة.

وأضاف" إلى ذلك أن العديد من رجال الأعمال في الاقتصاديات المتطورة في دول مجلس التعاون الخليجي والعالم العربي عموماً يقبلون على الاستثمار ضمن نطاق الشريعة الإسلامية، ولذا فإن بروز استثمار إسلامي في الأردن قد يكون له الأثر الكبير في تحقيق مستويات أعلى من تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة وجذبها للسوق الأردني. سيما وأن الشراكة الاستثمارية المثمرة بين الأردن والمستثمرين من الأشقاء العرب ممتدة تاريخياً وعريقة حيث بقيت الاستثمارات العربية في البورصة وبشكل ثابت تتراوح ما بين 33 إلى 37 بالمائة من القيمة السوقية".

وقال جرادات "لقد شهدنا في العام 2011 نموذجاً واضحاً على الاهتمام بالأوراق المالية الإسلامية حيث أصدرت صكوك إسلامية محلية لصالح شركة إسمنت الأردن التابعة لمجموعة الراجحي التي تتخذ من المملكة العربية السعودية مقراً لها، والتي جذبت العديد من المؤسسات المالية البارزة في المملكة. ومع ذلك، ونظراً لأن هذه الصكوك جاءت في إصدار خاص، فإن البعض يعد مثل هذا الإصدار فرصة فائتة. فلو أصدرت الصكوك في سياق اكتتاب عام تحت إشراف مباشر من الجهات التنظيمية للسوق المالي، لشّكل ذلك سابقة أكثر وضوحاً ولتبعها إصدارات أخرى مماثلة".

وزاد جرادات بالقول "وفي نهاية المطاف لا بد لنا من الاستجابة لمتطلبات إيجاد سوق مالي إسلامي يشكل نظاماً مالياً إسلامياً. وذلك يتطلب من الحكومة ضمان توفير البنية التحتية الفنية والقانونية اللازمة لذلك، وقد أحيل إلى البرلمان مشروع قانون يعنى بوضع البنية التحتية للصكوك الإسلامية عام 2012، ومن أبرز معالم هذا القانون أنه ينص على تشكيل لجنة امتثال شرعية ذات صلاحيات شاملة على غرار لجان موجودة في البحرين وتركيا وماليزيا".

وحول الإصلاحات الأخرى المطلوبة لتحفيز الثقة والنشاط في سوق ألأوراق المالية قال " إلى جانب الأوراق الإسلامية، يجب تقديم أدوات استثمارية أكثر تعقيداً مثل المشتقات والعقود المستقبلية والاقتراض لغاية البيع. إلا أن تقديم مثل هذه الأدوات وطرحها يتطلب ابتداءً التحقق من قدرة وجاهزية أعضاءالسوق على التعامل مع مثل هذه الأدوات".

وأضاف جرادات "وبنفس الوقت فإن ذلك يتطلب تعزيز مستوى الوعي لدى المستثمر الأردني للإلمام بأصول الاستثمار في هذه الأدوات، حيث إن العديد منهم مدفوع بالإشاعة وغير ملم بقواعد التقييم والقرار الاستثماري السليم. وبالطبع فإن إحدى وسائل دعم المستثمرين الأفراد الذين لا يملكون الخبرة الكافية تكون من خلال تأسيس صناديق مؤسسية في السوق واستثمارهم من خلالها، الأمر الذي من شأنه حماية المستثمرين وضمان استقرار تعاملاتهم".

وأوضح بأن من الإصلاحات الأخرى التي يجب تحقيقها ما يتعلق بالسندات الحكومية. فحالياً لا يتم إصدار سندات إلا للبنوك في الأردن، ولا يتم طرحها لعامة المستثمرين من الأفراد ، والذين تنحصر خياراتهم بشراء الأسهم، ويجب على البنك المركزي الأردني وهيئة الأوراق المالية أن تغير مستقبلاً من هذه السياسة لتلبية الطلب القوي والمتزايد على الأدوات المكفولة من الحكومة.

وبالطبع فإنه في سياق مناقشة واقتراح الإصلاحات المطلوبة للرفع من سوية سوق الأوراق المالية في الأردن، وعلى الرغم من إدراكنا التام للعوامل الهامة التي يجب على الحكومة أخذها بعين الاعتبار في عملية الإصلاح الاقتصادي في المملكة والتي أهمها العجز الحاد في موازنة الدولة، إضافة إلى العوامل السياسية المضطربة في الدول المجاورة والتي تنعكس آثارها اقتصادياً على المملكة على أكثر من صعيد، إلا أنه لا بد من التأكيد على أهمية دور الأسواق المالية في تشجيع النمو في اقتصاد أي بلد، وضرورة إيلاء هذا الذراع الاقتصادي الاهتمام اللازم، وتوفير الإمكانيات اللازمة لتطويره. بحسب جرادات.

Share